حق الإنسان في الصحة والطبابة مقال للاستاذ د. احتيوش فرج احتيوش

ا. د. احتيوش فرج احتيوش


ركز الطب ومنذ بداياته الأولى على أهمية الأخلاق الطبية لكل من يمارس مهنة التطبيب  وعند مراجعة قسم ابوقراط نقرأ فيه مايـلي

"أن اصف الدواء الناجع لمرضاي حسب قدرتي وألا اخبر أحدا وليس من أجل إرضـاء أحد اصف دواء مميتا ، ولا أعطى امرأة  "لبوسا" يسبب الإجهاض ،وانما أحافظ على طهارة حياتي ومهنتي ،وألا أشق عن من في مثانته حصى ،وانما اترك ذلك ليقوم بـه المتمرسون "الأخصائيون"وألا ادخل أي بيت ألا لصالح المرضى وأن أتجنب أي فعل سئ وبخاصة ما يتصل بعشق النساء أو الرجال الأحـرار منهم والعبيد وكـل ما يصل إلى عملي أثناء ممارسة مهنـتي  أو خارجهـا أو في اتصالي اليومي بالناس ممالا يجوز أذاعته فاني احتفظ به سرا مكنون "(1) ومنـه أخذت الكثير من دول العالم في قسم الطبيب بها وركزت على أن يقسم الطبيب عـلى صيانة حياة الإنسان وبذل أقصى جهده ومعارفه في إنقاذ حياة الإنسان مـن الهلاك والمـرض والألم والقلق والمحافظة على كرامة الناس وستر عوراتهم وكتم أسرارهم وان يبذل هذه الرعاية دون تفريق بين القريب والبعيد ، الصالح والخاطئ ، الصديق والعدو والمثابرة على العلم واستخدامه لنفع الإنسان وليس لإيذاءه وفي القرن العاشر الميلادي كتب ابن سليمان اسحق نصائح أدبية لليهـود  وذلـك كدليل للأطبـاء نقـرأ فيـه " لا تتوان عن زيارة وعلاج الفقراء إذ لاشيء أكثر نبلأ مـن ذلك ،هدى من روع المريض واعطه املأ في الشفاء حتى وأن كنت لا تعتقد بذلـك ، صدور هذا التأكيد منك يمكنه مساعدة الطبيعة .. اطلب أجرك عندما يصل المرض إلى ذروته لأنه مجرد أن يشفى ينسى ما فعلتـه من اجــله ".(2)

      وفي  القرن الثاسع يصف على بن زين الطبري الطبيب الجيد  بقوله يختار من كل شـئ الأفضل والأكثر ملاءمة ، ألا يكون عنيـداً أو مهدارأ أو طائشاً أو متكبرا  والايكون مغتابا ،ألا يكـون مهملا في مظهره ولاكثير التعطـر أو سوقيأ أو متكلفـأ في زيه  وألا يغتر بنفسه إذا ما وضع  في منزلة أعلى مـن الآخرين وأن يحجب أخطاءهـم على وجـه السر عـه .(3)

وأكد الزهراوى في كتابه التوصيف على ضرورة التأكد من التشخيص قبـل أي تدخل جراحي ومنذ ذلك الحين وحتى الآن  عرف الطب تقدماً علمياً كبيراً في أسسه ومعارفه غير أن التقدم

التقني أضاف الكثير  لهذه المعارف وغـير الكثير من طرق ووسائل التشخيص والعـلاج غـير.

      أن المهنة كصنعة وحرفة ارتبطت بأخلاقيات كانت على مر العصور ترتكز على ذات الأسس وهى احترام  آدمية الإنسان وحفظ كرامته والسعي لصون حياته والمحافظة عليها ، وأولئك  الذين يعتقدون بأن التقدم والانتقال من الطب القديم للطب الحديث وبكـل التطورات التي حدثت هو انتقال من طور الفلسفة إلى طور العلم كلام ليس صحيح على الإطلاق  فالنزعـة العلمية في الطب من جميع جوانبها التجريبية، الحيائية ، الحيوية ، والعضوية هي مذهب فلسفي يعتمد على الاستقصاء والتحليل ويعتمد الإنسان ككائن حي كلي فالإنسان ليس مجموعة أعضاء فقط وليس آلة مكونة من مجموعة تروس فقط الأمر الذي حتم رغم أهمية وضـرورة التخصص في الطب أن ينظر للأنسان بشكل شمولي وتكاملي عند فحص المريض وتشخيص مرضه ووصف العلاج له وإذا افرط الطبيب في الاهتمام بتخصصه  الدقيق فقط دون المعرفة ببقية الاختصاصات فأن ذلك سيزيد من خطورة الطبيب نتيجة جهله بغير مجال تخصصه فالنفس والجسم مثلاً جوهران مترابطان لا يمكـن فصلهما فمـرض أحد أعضاء الجسم يـؤثر عـلى الأعضـاء الأخـرى ولعـل في حديث  الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في تشبيهه للمجتمع بالجسد الواحد إذا تداعي عضو فيه تداعي له باقي الجسد بالسهر والحمي ، خير دليل علـى ذلـك .

    وعليه فلابد للطبيب وهو يعالج أي مريض من التركيز على الصلة الوثيقة بين أعضاء الجسم وبين الجسم والنفس ويعطي الأهمية الكافية للطبيعة الاجتماعية وأثر البيئية والجوانب المعنوية والروحية متمثلة في الديـن ودور كـل مـن هـذه العوامل في زيـادة قـدرة الإنسـان عـلــى تحمـل المعاناة وسرعة تماثله للشفـاء .

    وبالتالي.. وجب على الطبيب عند تشخيصه وعلاجه للمريض أن يضع في اعتباره كل ما يحيط بالمريض من ظروف وبالتالي فإن الطب العضوي والنفس والاجتماعي والرعاية الصحية العامة واصحاح البيئية  لابد وأن تؤخذ جميعـا في حسبان الطبيب المعالج فكل منها مهم ومتداخل مع الأخر وإهمال أي منها يزيد من معاناة المريض ويـؤخر شفاءه والتـوازن بين كل هذه الأمور لا إفراط ولا تفريط من الأمور الأساس في العلاج ولعل للطبيب أسوة جيدة في محاكاته للطبيعة وهي تقوم بالـتوازن الـذاتي فالإنسان جـزء من المعزوفة الكونية فعلاج المريض لابد وأن يتبع أسس علمية  غائية مبتعدا عن الصدفة العمياء ولقد أكد ذلك ابن سيناء عندما قال بأن الطبيعة البشرية لا تعمل في تصغير ما هو كبير أو تكبير ما هو صغير وكذلك الأمر في التوازن بين تعويض النقص وتحفيز الجسم  وتمكين  أعضاءه من العمل لإنتاج ما يفتقر إليه الجسم .

    وبمراجعة الإعلان العالمي في (1978) " أعلان ألما أتا "نستخلص  منه التأكيد من جديد على أن الصحة التي هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقليا واجتماعياً لامجرد انعدام المرض أو العجز حق أساس من حقوق الإنسان وعدم قبول التفاوت الحالي الجسيم في الأوضاع الصحية للشعوب لاسيما بين البلدان المتقدمة والنامية  وكذلك التفاوت داخل البلدان غير مقبول سياسيا  واجتماعيا واقتصادياً ويعتبر أمر مقلق كما ذهب الإعلان إلى أنه للشعوب حق  وعليها واجب في المساهمة افراد  وجماعات في تخطيط وتنفيذ الرعاية الصحية الخاصة بهم وأن الرعاية الصحية الأولية هي الرعاية الصحية الأساسية  التي تعتمد على وسائل وتكنولوجيات صالحة عملياً وسليمة علمياً ومقبولة اجتماعياً وميسره  لكافة الأفراد والأسر من خلال المشاركة الجماعية التامة وبتكاليف  يمكن للمجتمع والبلد توفيرها في كل مرحلة من مراحل تطورها بروح من الاعتماد على النفس وحرية الارادة وطالب الإعلان بضرورة أن تتعاون جميع البلدان بروح المشاركة والرغبة في الخدمة لتوفير الرعاية الصحية الأولية لجميع الشعوب إذا أن توفير الصحة للناس في أي بلد يهم كل بلد أخر ويفيده بصورة مباشرة .(4) ويتضح مما سبق أن التطبيب جزء من صراع الخير والشر وانه جزء من فلسفة الوجـود وضرورة لازمة لبقـاء النوع البشري على قيد الحيـاة وتحسين نوعية الحيـاة فالتطبيب يجب أن يوجـه دائما للخير وهو اختيار ما يصلح للمريض ويدفع عنه الضرر فدفع الضرر قبل جلب المنفعة عند معظم النظريات الفلسفية التي تعتبر أساسا للتطبيب واخلاقياتة منطلقة من قدسية الحياة وكرامة الإنسان الفرد وحقوقه في المحافظة على حياته والرفق والعطف عليه أعضاء ، وجسدا ، وروحا ومحيطا .

    ومن هنا تأتي أهمية العلاقة بين الطبيب ومريضة فهي علاقة مهنية روحية اجتماعية  تربطها أخلاق هذه المهنة الإنسانية التي تسمو بممارسها وترتفع به عن الهبوط في مز الق سـوء الخلـق واتباع الأهواء فالطبيب لا يجب أن يبـدأ  بالكشف عن المريـض دون رضــاه وموافقته فذلـك إلى جانب  ما فيه من مهانة لكرامة الإنسان وعدم احترام له قد يؤثر حتى في استجابة  ذلك الإنسان للعلاج الذي يوصف له ويستثنى من ذلـك طبعـا المريض الفاقـد للوعي أو الناقـص  للعقل أو ألادراك كما يجب على الطبيب أن لا يمتنع عن معالجة أي مريض بسب الدين أو الجنـس أو اللون أو العرق أو العلاقات الاجتماعية إلا إذا أخل  ذلـك المريض بالاتفاق بينه وبين الطبيب خاصة عند ثبوت استشارته لطبيب أخر دون معرفة من الطبيب المعـالج لأن ذلك يعنى أنه لايثق برائه وبالتالي  من حقه الامتناع عن الاستمرار في معالجته مع

     الأخذ في الاعتبار للحالات الطارئة والخطرة والمهددة للحياة- وهنا يجب التأكيد على أن أولئك الذين يستشيرون عددا كبيرا من الأطباء بشأن مرض ألم بهم لا يجبنون في الغالب سوى الوقوع في خطأ كل من أولئك الأطباء- كما يجب على الطبيب الجـراح عدم إجراء أي تدخـل جراحـي في مكان غير معد لذلك لما في ذلك من استخفاف بالمهنة ووضع للطبيب في دائرة الشك والشبهة وإذا  تم إيواء المريض لمؤسسة علاجية فإنه لا يجب إخراجـه منها  إلا وهو في حالة تسمح له بذلك أو برغبته  أو امتناعه ورفضه للعلاج والنصائح من الطبيب المعالج وعلى الطبيب أن يبذل كل جهده وأن يحرص على عدم التأخير في تحديد التشخيص ووصف العلاج والانتظار الزائد لتنجلي الأمور  وتتضح أكثر وفي الوقت الذي قد يكون هناك ضرورة لذلك إلا أن عرض المريض على أخصائين  آخرين بدافـع إشراكهم  في الرأي  وبالرغم ممـا قد يكون لذلك من فوائد إلا أنه  قد يتسبب في إطالة معاناة  المريض  وقد يكون ذلك تهرباً من المسئولية  ومحاولة  للوصول لشاطئ الأمان الذي قد يكلف المريض كثيراً ولان الآم الآخرين شئ يمكن تحمله بالنسبة للبعض -وهنا يجب على الطبيب اتباع القول المأثورلا أفراط ولاتفريط ولاغرور ولااعتزاز زائد بالنفس تجعل الطبيب يقوم بمخاطر غير محسوبة العواقب كما يجب على الطبيب عدم الإفراط  في الكشف على المريض وزيادة ألمه  خاصة في الأماكن التي يشتكي من ألم  بها وكذلك يلجا بعض الأطباء للتوسع في الاستقصاء  والبحث الطبي بإجراء كل التحاليل والفحوصات اللازمة وغير اللازمة تصل إلى أسس وأساليب السوق والتجارة فيصبح التصوير والتحليل صناعة ويتحول الطب إلى عرض مسرحي بما فيها من استغلال وهدر للموارد وتحقيق كسب على حساب ألم الآخرين ومعاناتهم زد على ذلك أن الاستخدام المفرط لهذه التقنيات الطبية المتطورة التي تساعد  دون شك في تشخيص بعض الأمراض وعلاجها غير أنها أوصلت الطبيب ليكون جزء من هذه الآلات والتقنيات وبدل أن يسيطر عليها ويسخرها لصالح مرضاه فأنها أفقدته قدرته الإكلينيكية  واصبح أكثر اعتماداً على الآلة منه على مهاراته وخبرتـه واصبحت الحاسة الطبية لديه تتضاءل تدريجياً واصبح الطبيب بدل أن يكون سيد نفسه ومهنته أصبح  محطة إحالة للأقسام والأجهـزة والمختـبرات- ولا نريد هنا  الإقـلال من قيمتها- ولكن يجب أن لا تستخدم أكثر مما يجب لما في ذلك من هدر للوقت والمال وجهد العاملين وفوق كل ذلك وأهـم مـنه معاناة المريض الصحية والمـالية والاجتماعـية والنفسية وما قد يكون في ذلك من إدخال التجربة على الإنسان خاصة وأن التجـارب الطبية يجب أن يمتنع عن القيام بها الأطباء دون أخذ رأى  المريض مسبقاً  فالمريض ليس حقل تجارب طبيـة أو دوائيـة ويجب عند الحاجة لذلك أن تكون بموافقة المريض وبرضاه وبعد شرح كاف لكل خطوات التجربة وتحديد الغرض منها والتأكد من أنهـا ستحقق منفعة مرجوة لصـالح بنى البشر وعلى الطبيب أيضا مصارحة المريض وابلاغه بمرضه الخطير أو المستعصي إذا اقتضت ذلك مصلحة المريض  وسمحت حالته النفسية وبعد دراسة لأحواله الاجتماعية وبالتدريـج مع إعطاء العلاجـات المرافقة اللازمة النفسية والروحية الدينة والدوائية وحيث  أن  المريض  يخص طبيبـه بأسرأراه  فأنها يجب أن تكون أمانة لا يباح  بها ، كشف السر قـد يقتل إنسانا  أكثر من مرضه  وعـلى الطبيب  كانسان  وكحامل  لهذه الرسالة الإنسانية  أن يكـون في مستـوى  المسئولية  ويعرف خطورة إذاعـة  أسرار مرضـاه والظـروف المحيطـة  بهـم الذاتـية  أو الاجتماعية وابـلاغ أهلـه بأسرار مرضه بعد المعرفـة من المريض على مـن يأتمن على أسـرار مرضـه  في حالـة معرفتك أن البوح  بالسر للمريض قـد يزيـد من حالته سوء أو أنه  غير قــادر أو مـدرك لمرضه وعـلى الطبيب كذلـك أن يراعي المساواة في المعاملة بين المرضي وأن لا يفرق بينهم  لأي سبب كان فمعاملتهم تتـم تبعـاً لأحوالهم الصحية فقط مرض المريض هـو الـذي يفرض على الطبيب القـدر مـن العنايـة الواجب أن يحيطه بـه ، كمـا يجب عدم استغلال حاجة المريض فالمريض في حالة ضعف واستغلال هذا الضعف لتحقيق منفعة لنفسه أو لغيره هو أسوأ  استغلال ممكن كان ذلك معنويـاً  أو مـادياً وعـند الكـلام عن الاستغلال المادي فذلك  يقودنا إلى المغالاة في طلب ثمن الخدمة التي تقدم للمريض ولما لذلك من تأثيرات سلبية نفسية ومالية وبالتالي  صحيه على المريض والطبيب الفاضل هـو الذي لا يعتبر الغنى  اشرف من الفضيلة ولا يعتبر أن مهنة الطب قد وضعت لاكتساب الأمـوال بل لجلب النفع للناس ولدرء الضرر  فإنـه أن يعمل بغير ذلـك  لن يبلـغ في الطـب شئ  فمـتى  كانت ميـول الطبيب مادية فإنه  سيكون مستخفاً  بالعلم وبالمهنة  أما عن استخدامات نتائج الهندسة الوراثية  واستغلال خلايا ألاجنه والاستنساخ  وجراحة التجميل والتلقيح الصناعي والامـاته بـدافع الشفقة " الموت الرحيم "والإجهـاض ونقل الأعضاء وهبتها فتلك من المواضيع التي سيتناولها هذا الكتاب في مواضع أخرى ولـو أن لها علاقة وثيقـة بأخـلاق الطبيب وصلتــه بمريضه فالطـبيب صاحب رسالة أكثر منها مهنة وعليه أن يذيب نفسه في مريضه فهو مسؤول عنـه ومسئول عن حياته ومن خلال مسئوليته عن إنسانية الإنسان المريض يجـب أن يعيش الطبيب الطب كرسالة وليـس كمهنة أو صنعة  أما علاج المريض فمن الواجب أن يكون بالسرعة الكافية وأن يكون قريباً للطبيعة كلما أمكن فالبدء بالحمية الغذائية واجب أن كان في ذلك الشفاء فالحمية أكثر فائدة وأقل ضرارا من العلاج بالدواء أو الجراحة ودائما يجب تسبيق العلاج التحفظي الدوائي على العلاج الجراحي فالبتر لا يجب أن يعمل إلا بعد ثبات فساد العضو المبتور وعدم إمكانية إصلاحه وعند وصف دواء للمريض فإن الوصفة الطبية يجب أن تحتوى على معلومات هامة عن المريض وعن الطبيب  نفسه ويتم تحديد الدواء بدقة من حيث النوع والمقدار وطرق الاستخدام  كما يجب اطلاع المريض على الدواء وطرق عمله أن كان ذلك ممكنا  والأضرار الجانبية والمضاعفات التي قد تحدث بسب تناول ذلك الدواء  وأخبار المريض عن البدائل المتوفرة لذلك العلاج وتقديم افضل النصائح  كما يجب على الطبيب متابعة علاج أية مضاعفات قد تحدث نتيجـة للدواء التحفظي أو الجراحي  الذي يقوم به لمرضاه و أمر العلاج والدواء  يقودنا إلى موضوع الأدوية وأخلاقيات التعامل بالدواء فالاتجار بالأدوية وتجارتها بين الواصف والبائع أمر مقلـق للمريض وعلى حساب صحته ونفسيته ومالـه ،فيجب على الطبيب وصف الدواء الضروري فقط فالافراط في وصف الأدوية وتنويعها ترهق المريض وقد تكون مضرة بصحتـه زيادة على ما فيها من تأثير على قدرته المالية وتزداد المشكلة وتتسع وتصبح مشكلة أخلاقية كبري إذا تم ذلك بناء على اتفاق بين الطبيب الـذي يصف الدواء  والبائع ،كما يزيد من الكارثة احتكـار صنع وتجـارة الدواء فالدواء الذي ينتجه فرد واحـد أو مجموعة أفراد  أو شركة واحدة كبيرة  أو صغيرة قد تدفع بهم لرفع ثمنها بدرجة ترهق كاهل المريض وتستغله في ضعفه  ومرضه وهنا يجب أن تتكاتف  المجتمعات لمنع احتكار تجارة الدواء ووضع رقابة قوية حقيقية على جميع المتعاملين بها من المصنع والمخزن نهاية بالمستهلك وهو المريض الضعيف في هذه الحلقة وهنا يجرنا الحديث عن موضوع اعتاد الأطباء العزوف عن الحديث عنه وهـو استخدام وسائـل الأعلام في الاتصال بعامة الناس فمن بين المحرمات  تقليدياً أن يعلن الأطباء عن خدماتهم الأمر الذي قد يقف حائلا دون اتصال الأطبـاء  بالجمهـور للتحدث إليهم عـن الأمور الصحية التي تهـم الجميع وذلك بسب خوفهم من اتهامهم بالقيام بالدعاية لأنفسهم وذلك أمر يسئ لاخلاق الطبيب ولكن معظم الأطباء العاملين في مجال الصحة العامة يتحملون في واقع الأمر التزاما أدبيا بنشر المعلومات على نطاق واسع .ومع ذلك فان قلة قليلة منهم فقط يستطيعون التكيف مع فكرة النهوض بالصحة بالتعاون  مع أناس يعملون في قطاعات أخرى فثمة فجوة بين تقبل الأوضاع نظرياً وبين الاستجابة لمقتضياتها على الصعـيد العملي . وأسوأ من ذلك أن أولئك الذين يرفعون أصواتهم بالدعوة إلى اشراك الناس في الأمـور الصحية نادراً ما يدركون  أنهم يقولون مالا يفعلون  لكن معظم الأطباء يسلمون الآن بأن الصحة هي ظاهرة اجتماعية تتطلب دعما متعدد القطاعات  وأصبح من المقبول اليوم أن السلوك الصحي عرضة للتأثر بالعوامل الثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية ، فضلا عن العوامل البيولوجية والطبية . وينبغي أن يكون الجمهور ، قبل كل شئ على معرفة وافية بالأمور المتصلة بالصحة أن رفع الوعي الصحي وتقديم كل شئ على حقيقة سينهى الجهل حتما ويجعل الجميع قادرين على تحمل المسئولية بشكل جماعي خصوصاً أولئك الـذين هـم في حالـة ضعف( المرضى) وأهمية أن يكونوا شركاء وعن دراية كافية عند اتخاذ قرار يهم حياتهم ومستقبلهم وأوضاعهم الصحية والنفسية والاجتماعية والمالية .

    (1)عالم المعرفة العـدد 281 ص .      (2)عالم المعرفة العدد 281 ص 79.        (3)عالم المعرفة العدد281 ص 88 .

 4) إعلان ألما أتا ،وثيقة صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال .

There are no comments posted here yet

أترك تعليق

  1. Posting comment as a guest. Sign up or login to your account.
Attachments (0 / 3)
Share Your Location