التبرع بالأعضاء من الموتى والأحياء 2 مقال للاستاذ د. احتيوش بمجلة الاسوة الحسنة

oswa2_20180830-17Augth_2

oswa2c

مجلة الأسوة الحسنة  -  ا. د. احتيوش فرج احتيوش –2008

من جانب المعاناة الصحية فالحقيقة تؤكد أن أولئك الذين يقومون بعملية الغسيل الدموي يتصارعون هم والموت ويتصارعون هم والكثير من المشاكل الإجتماعية خاصة وهم يفقدون هيبتهم في أسرهم نتيجة فقدان عملهم ويتحولون إلى عبء ومصدر قلق في الأسرة

كما يفقد الكثير من الرجال والنساء سيطرتهم على اسرهم وبالتالي قد يصابوا بالإكتئاب وهو مرض صعب العلاج ويصبح المصاب صعب المراس ويصعب التعامل معه وتمله أسرته ويملها ويشعر بأنه عالة على المجتمع وعالة على من يعوله ويوصله الى اماكن الغسيل وقد يتمنى هذا الإنسان الموت مقارنة بمن يزرع له عضواً فأنه يشعر بأنه عاد الى الحياة من جديد ويتشبت بها إن كان غير متزوج

العلاج التعويضي يحول الانسان فاقد الأمل الى إنسان متعلق بالحياة

يصبح باحثاً عن الزواج والأمثلة كثيرة من الناس الذين زرعت لهم أعضاء ثم تزوجوا وإذا كانت إمرأة متزوجة حملت وأنجبت أطفالاً وإذا كان رجلاً تحصل على الأبناء ورجع إلى عمله

فهو الان إنسان عامل يحاول أن يثبت وجوده في عمله وأنشطته الاجتماعية والرياضبة إذا هذا الإنسان بدل من بقائه يصارع الموت أصبح متعلقاً بالحياة ويبحث عن تحسينها وتحسين وضعه كل يوم هذا هو الفرق بين العلاج التعويضي أي الغسيل الكلوي وزراعة الكلى التي تحول الفرد من إنسان فاقد الأمل يقاوم ويصارع الموت كل يوم إلى إنسان تعلق بالحياة وأصبحت أمامه كل السبل مفتوحة وأصبح يحاول أن يصل الى مبتغاه ويعتبرنفسه إنساناً طبيعياً وهو بالفعل كذلك , لذا فزراعة الأعضاء هي الخير كله وهي دافعة للضرر جالبة للفائدة محققة للمصلحتين الدنيوية والأخروية

نعم الآن يكون التبرع بالأعضاء ثمرة التراحم والتواد بين الناس

غير أنه للأسف لزراعة الأعضاء لابد من الحصول على العضو فالعضو لايمكن تصنيعه وإنما فقط يتوفر من متبرع حي أو من تبرع ميت والمتبرع الحي عادة يكون انساناً محباً لغيره يرى آلام قريبه ويرى المعاناة التي يعانيها وقد يكون مشاركاً للمريض في جزء منها إذا كان أب لإبنه أو أخ لإخيه قد يكون متأثراً ببعضها أخ لاخته يوصل أخته الى مركز الغسيل ثلاث أيام فهو فاقد لعمله أيضاً غير مستريح فاقد لوسيلة النقل التي توصله بإعتبار أن هذه الوسيلة ايضاً تعمب ثلاث أيام في الأسبوع لعشرات الكيلومترات وبالتالي فهي تستهلك يومياً

والتبرع من الأحياء غير الأقارب يسبب بعض الحرج يتخوف أفراد المجتمعات من الإتجار في الأعضاء ومعظم الأديان وعلماء الدين وأطباء زراعة الأعضاء يحاولون الإبتعاد عن تجارة الأعضاء لأن فيها مساس بكرامة الإنسان ويجب على الطبيب الا يكون جسراً يعبره الأغنياء للوصول الى أعضاء الفقراء, لا يجب أن يرى الأغنياء بعيون الفقراء أو يعيشوا سعداء بأكباد وكلى الفقراء فالحصول على الأعضاء يجب أن يكون ثمرة للتراحم والتواد بين الناس طلباً للأجر والثواب من الله عز وجل بإعتبار أن التبرع بالأعضاء في منزلة الصدقة الجارية. غير أنه للأسف نتيجة زيادة الطلب على هذه الأعضاء وعدم توفرها يجعل الفرق بين اعداد من يحتاج الزراعة وبين توفر هذه الأعضاء يزداد سنوياً وهذه الزيادة في الحقيقة مخيفة لأن الإنسان يبحث كثيراً عن التقدم في سبل الحياة وأن تكون حياته أحسن . كل الأديان السماوية ( الإسلام والمسيحية واليهودية ) تؤيد التبرع بالأعضاء وتحت عليه ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” وأي بر أكثر من انك تتبرع لأقاربك ولمجتمعك بأعضائك وانت حي أو بعد الوفاة بعد عمر طويل سعيد إنشاء الله “ويؤثرون أنفسهم ولو كان بهم خصاصة

فرأي الدين الإسلامي يؤيد إمكانية القيام بزراعة الأعضاء من الأحياء والمتوفين عند ثبوت الحاجة لإنقاذ حياة مريض إذا أوصى المتوفي بذلك أو إذا وافقت أسرته بعد وفاته في حالة أنه لم يكن قد أوصى بذلك خلال حياته ومن الأدلة على تشريع فقهاء المسلمين للتبرع بالأعضاء من الأحياء والمتوفين قرار مجلس الفقه الإسلامي الذي إنعقد في مؤتمره الرابع في جده في سنة 1988 حيث تشير المادة السادسة منه الى

( يجوز نقل عضو من ميت الى حي تتوقف حياته على ذلك العضو أو سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك , بشرط أن الميت أو وثته بعد موته أو بشرط موافقة ولي المسلمين إن كان المتوفي مجهول الهوية أو لا ورثة له

وأي إجتهاد يرقى الى هذا المستوى الجماعي العلمي الفقهي الإسلامي؟

وجاء في توصيات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عند عقد ندوتها الثالثة سنة 1987م

“” أنه خير مايتم به الحصول على الأعضاء أن يكون ثمرة التراحم بين الناس بالتبرع من جثث الموتى بالوصية أو موافقة الورثة وكذلك من أعضاء المتوفى المجهول الأهل ورأى الأكثرية في هذه المنظمة أنه يجوز الحصول على الأعضاء أيضاً بتبرع الحي للحي بالشروط والضوايط المعتبرة ومنها عدم الإضرار بالشخص المتبرع بالأعضاء, وكان هناك إتفاق كلي على أنه لايجوز بيع الأعضاء

هناك أيضاً الكثير من المصادر الأخرى التي تؤكد نفس ما ذهبت اليه التوصيات فقد تناولت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية هذا الموضوع في سبعة بحوث ومناقشاتها , وذلك في ندوتيها

في ندوتها الثانية سنة 1985م. , والثالثة سنة 1987م. وأصدرت بشأنه توصيات . والرابعة سنة 1988م

وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتواها بمشروعية نقل الدم , وزرع القرنية من عيون الموتى سنة 1959م

وفي سنة 1973. كما صدرت فتوى الشيخ محمد خاطر – مفتي الديار المصرية – بمشروعية سلخ جلد الميت لعلاج حروق الأحياء

وفي السعودية صدر قرار من هيئة كبار العلماء سنة 1978م. بشأن نقل القرنية من عين إنسان لآخر , وفي سنة 1982م. بشأن جواز زرع الأعضاء

وأصدر المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة 1407هــ . قراره بجواز زرع الأعضاء, كما أصدر مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورته الرابعة سنة 1408هـــ. قراره رقم (1) 88/08/4د بجواز زرع الأعضاء الذاتي والزرع من شخص آخر حي بشرط تبرعه بذلك, والا يلحقه ضرر , وأن يكون المتبرع كامل الأهلية , كما أجاز المجمع الزرع من الموتى بشرط أن يكونوا قد أذنوا قبل ذلك أثناء حياتهم أو أذن ورثتهم بذلك أو أذن ولي أمر المسلمين إن كان المتوفي مجهول الهوية , أو لا ورثة له , وذلك كله بشرط عدم بيع الأعضاء

وفي الكويت صدر القرار رقم 455 لسنة 1985م. من لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف بمشروعية زراعة الأعضاء بضوابط

There are no comments posted here yet

أترك تعليق

  1. Posting comment as a guest. Sign up or login to your account.
Attachments (0 / 3)
Share Your Location